قصة الساعات العصيبة التي عاشها لبنان قبل وثبة “الأسد الصاعد”!
أعادت الولايات المتحدة الأميركية تذكير بيروت بالمعادلة التي منعت الضربة على الضاحية والبقاع
فارس خشان - "النهار"
قبل ساعات قليلة من بدء إسرائيل عملية “الأسد الصاعد” ضد نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، عاش لبنان ساعات عصيبة، أدخلت السلطة اللبنانية في سباق مع الوقت، لإنجاح الاتصالات الديبلوماسية الهادفة إلى منع تهديد إسرائيلي، ورد عبر القنوات المعتمدة، بالقيام بعملية غير مسبوقة من شأنها أن تؤدي بالإضافة إلى استهداف جديد للضاحية الجنوبية، إلى احتلال سلسلة لبنان الشرقية، على طول الحدود اللبنانية - السورية.
السبب الذي تذرعت به إسرائيل لتهديد لبنان بعملية بهذه الضخامة يعود إلى مزاعم بوجود أنفاق عميقة، واحد في الضاحية والباقي في جبال السلسلة الشرقية، يختزن قواعد لصواريخ دقيقة ومسيّرات مفخخة، وتريد إسرائيل منع مخاطر هذه الترسانة عنها، لأنّها ملكية تعود إلى “الحرس الثوري الإيراني”.
حاول لبنان، بعد اتصالات بقيادة “حزب الله”، أن يجادل بصحة هذه المزاعم، لكنّ الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: نحن واثقون بكل ما نملكه من معلومات وعليكم التصرف.
ودخلت الولايات المتحدة الأميركية بطلب من لبنان على خط الوساطة مع إسرائيل، فوافقت الدولة التي تترأس لجنة مراقبة وقف العمليات العدائية بين لبنان وإسرائيل، على التدخل وفق معادلة توازن بين المطلب الإسرائيلي والضغط اللبناني.
كانت المعادلة الأميركية واضحة: يسعى الجيش اللبناني إلى التأكد من المعلومات الإسرائيلية، بوجود طرف محايد ويمنع وصول أي فرد من "حزب الله" إلى الأماكن المحددة، في المقابل توقف إسرائيل العملية “الوشيكة” التي كانت مقررة.
وافق الطرفان على المعادلة الأميركية، ونشرت إسرائيل مسيّراتها في القاع والضاحية الجنوبية للتأكد من حسن تطبيق الاتفاق.
وفي انتظار أن ينتهي الجيش اللبناني من التدقيق، وهو يحتاج إلى وقت لتحقيق ذلك، تمّ تبليغ لبنان بأنّه إذا اقترب عناصر “حزب الله” لأي سبب كان من هذه الأنفاق، فسوف يتم تدمير الضاحية الجنوبية واحتلال السلسلة الشرقية للبنان “إلى الأبد”.
لم يكن المسؤولون اللبنانيّون، في ضوء توالي المعلومات عن وصول التوتر إلى أشده بين إسرائيل وإيران، يفصلون هذا التهديد الإسرائيلي عن عملية وقائية إسرائيلية هدفها منع “حزب الله” من مناصرة إيران ضدها، إذا جرى توجيه أي ضربة إليها.
ولم تمر سوى ساعات قليلة حتى تأكدت ظنونهم، فإسرائيل افتتحت الحرب ضد إيران، بهجوم صاعق، وهي لا تريد أن يتدخل أي طرف فيها لمصلحة طهران التي سوف تجد نفسها في وضعية ضعف، فمسيّراتها لا تجدي نفعاً إذا انطلقت من أراضيها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى منظومتها الصاروخية، إذ يمكن رصد معظمها قبل انطلاقتها وبالتالي تدميرها عند تجهيزها، لكنّ ذلك قد يكون مستعصياً إذا انطلق من مسافات قريبة، كما هي عليه وضعيتها مع لبنان.
وبعيد بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، أعادت الولايات المتحدة الأميركية تذكير لبنان بالمعادلة التي منعت الضربة الإسرائيلية على الضاحية والبقاع.
ويبدو أنّ السلطات اللبنانية تبدي ثقتها بضمانة عدم تحرك الجبهة اللبنانية لمصلحة إيران، أقله حتى تاريخه!
من الواضح أنّ كل الأطراف، بما فيها الأكثر ولاءً لإيران، تجري حالياً حساباتها الدقيقة، وتترك خياراتها الحاسمة للأيّام المقبلة، فإسرائيل يستحيل أن تقوم بما قامت به من دون تخطيط دقيق يأخذ في الاعتبار كل السيناريوهات، ومن دون أن تكون قد حصلت مسبقاً على دعم أميركي.
وليس سراً أنّ التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل ساعات من وثبة “الأسد الصاعد” كان هدفها ترك بصمته على الحدث الجلل.