عندما يقدم لك الحاكم الشمس والقمر والغيوم والنجوم فاعلم أن خرابك بات وشيكاً جداً...
شعوب "تشتري" العلم من أكبر جامعات الأرض وتتشاغل بالسّحر
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
عندما تصبح السلطات والحكومات والإدارات الحاكمة والمؤثِّرَة في كل البلدان عقيمة، فمن الطبيعي أن تتحول الظروف المناخية المختلفة، كالعواصف الرملية، والمنخفضات الجوية، واحتمالات تساقط الأمطار، أو حتى الطقس المشمس والمستقرّ، والغائم، والمشمس الى غائم، ونِسَب سرعة الرياح، وكثافة السُّحُب، ونتائج العواصف الشمسية، والأعاصير... وصولاً الى غيرها من الظروف والظواهر الطبيعية كالهزّات، والزلازل، والبراكين، والكسوف، والخسوف، والمدّ والجزر... (من الطبيعي أن تتحول) الى حدث وخبر جديد.
مفصوم؟
فنحن في عصر تدافُع لاكتساب أعلى العلوم، والثقافات، وللتعلّم في أعرق وأغلى الجامعات، ولـ "استخراج" كل ابتكار من عقل الإنسان، الى درجة الغوص بالمادية في كثير من الأحيان والحالات. ورغم ذلك، يمكن لمرتفع أو لمنخفض جوي، أو لكسوف شمسي أو لخسوف قمري، أو لعاصفة شتاء، أو لعاصفة رملية، أو لنسبة متساقطات... أن تصبح مادة للتداول تماماً كما لو كنا في عصور عبادة الشمس والقمر والغيوم والأمطار والرياح والبروق والرعود والبحار... أفإلى هذه الدرجة بات الإنسان مفصوماً؟
"شبر" مياه
ما سبق ذكره أكثر من طبيعي، إذا كان إنسان هذا الدهر محكوماً من إدارات وسلطات فارغة عملياً، لا تملك ما تقدمه للشعب، فتجنّد مختلف أشكال وأنواع منظوماتها لإلهائه بنسمة هواء، ولإغراقه بـ "شبر" مياه.
فعندما لا تكون السلطة الحاكمة نافعة في أي بلد، تتحول التوقعات الزلزالية الى علم. وفي تلك الحالة، قد تصبح العواصف الرملية حدثاً أو حرباً ربما تفرض الاختباء، فيما الشيء الوحيد الذي يجب الاحتماء منه والابتعاد عنه، هو مثل هذا النوع من السلطات.
فمنذ متى بات المناخ أو الظروف الطبيعية حدثاً بالشكل الذي أصبحت عليه الأمور في عصرنا الحديث، الذي من المُفتَرَض أنه عصر علم ومعرفة، وعصر تفسير كل شيء بالمنطق والعقل والعلوم، وعصر فهم كل شيء (كما هو مُفتَرَض)، وتوقُّع الكثير من الأشياء قبل حدوثها بما يسمح بالتحضُّر لها جيداً، وفقدان عنصر المُباغتة؟
علم وسحر
من الطبيعي جداً أن تصبح الظروف المناخية والطبيعية أحداثاً تُفرَد لها المساحات، وحتى التغطيات المباشرة في كثير من الحالات، خلال زمننا الحالي، أي في عصر السلطات والحكومات والإدارات الحاكمة الضالّة والمُضِلَّة، التي ليس لديها ما تقدمه لشعوبها، والتي تجد لنفسها مصلحة بإلهاء الإنسان في احتساب كميات الأمطار المتساقِطَة في هذا اليوم أو ذاك، وأعداد "حبّات الرمل" التي تحملها عاصفة رملية خلال 12 أو 24 أو 36 ساعة، وفي ترصُّد ما إذا كان هبوب الرياح قد تمّ من الجنوب الى الشمال أو بالعكس... أو رصد كثافة الغيوم، أو ما إذا كانت الشمس صفراء حصراً أو مائلة الى اللون الأحمر، وما إذا كان القمر فضياً تماماً، أو مائلاً الى شيء من البياض...
فعصرنا الحاضر هو زمن علم وسحر في وقت واحد، لشعوب واحدة في كل بلدان العالم. شعوب "تشتري" العلم من أكبر جامعات الأرض، لتعود و"تجهّله" في التشاغُل بالسّحر المُقدَّم على شكل علوم، وبأُطُر عصرية على شكل أخبار وتوقّعات، ودراسات في بعض الحالات. والمُنتفع من تلك "الحفلة" هو واحد، أي ذاك الذي يحكم، ولا يملك أي شيء نافع يقدّمه لمن يحكمهم.