الحرب الكبرى بين الكنيسة الكاثوليكية وترامب بدأت والبابا الأميركي سيتعذّب بقوة...
تحديات تنتظر لاوون أبرزها التعامل مع ترامب المهووس بأن يكون لويس 14 وقسطنطين العصر الحديث
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
بنظرية مؤامرة أو من دونها، وسواء كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغط على "نوعية معينة" من كرادلة الفاتيكان لتأمين انتخاب بابا من أصول أميركية، مُستبِقاً ذلك بنشره صورة بابوية له قبل مدة، أو لا، فإنه (ترامب) لن يكون الساحر الأول الذي ينقلب سحره عليه، ولا الطبّاخ الأول الذي سيتناول سمّه في النهاية.
الرب يسمح أو يمنع...
فالانتخاب البابوي الأخير الذي أوصل لاوون الرابع عشر الى السدّة البابوية، يجسّد خير تجسيد، وبأوضح شكل وصورة، الحرب الأزلية القائمة بين الحيّة القديمة وظلماتها المُهلِكَة من جهة، وبين كل ما في الرب الإله من عدل وخير وحق، من جهة أخرى. ومهما كانت نظريات المؤامرة أو المساعي الشريرة عامرة، فإن يد الرب تعمل في كل شيء، وهي التي تسمح بأمر معيّن، أو تمنعه.
ليسا واحداً
فمنذ ليل 8 - 9 أيار 2025 والى أن يغيّر الرب ما سمح به بالأمس، بات عالمنا محكوماً بنكهة أميركية مزدوجة، إحداهما زمنية يمثّلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الحاكم "التحتي" والرئيس "السُّفلي"، بينما يمثّل النكهة الثانية البابا الجديد لاوون الرابع عشر، بما يختزنه من سموّ عُلْوي.
أميركيان يحكمان العالم اليوم، وذلك تماماً كما أن هناك روحَيْن يؤثران في العالم. فالرب روح، وعدوّه روح أيضاً. ولكن رغم طبيعتهما الروحية غير المادية، إلا أن الفارق واسع وهائل بينهما، بحيث أن لا مجال ليكونا واحداً أبداً، ولا لأن يختلطا. وهكذا أيضاً بالنسبة الى لاوون 14 وترامب. فالأصول الأميركية الواحدة لا تعني أن باستطاعتهما أن يكونا واحداً. فلاوون من روح، وترامب من آخر.
مشاكل كبرى
بين مؤامرات البعض، والنوايا الطيبة للبعض الآخر، سهّل الرب انتخاب أميركي لعرش كنيسته، فأعطى نكهة مختلفة لعالمنا الحاضر المادي الذي يُسيَّر بيد أميركية مادية.
تحديات كبيرة تنتظر البابا الأميركي، أبرزها التعامل مع رئيس أميركي (دونالد ترامب) مهووس، ومريض روحياً ونفسياً على المستويات كافة. رئيس (ترامب) مُولَع بأن يكون لويس الرابع عشر، وقسطنطين العصر الحديث. ولا عجب إذا سمعنا ترامب يدعو في يوم من الأيام مستقبلاً، الى عقد مجمع فاتيكاني ثالث، برئاسته مثلاً.
فترامب الأميركي "التحتي" سيتعثّر في فهم لاوون الكوني، بالمسيح. وقد يعتقد أن الفاتيكان بات أميركياً. وهو ما قد يظهر تباعاً مع مرور الوقت، ويُترجَم ببدء حقبة مشاكل كبرى بين الكنيسة الكاثوليكية من جهة، والإدارة الأميركية الحالية، من جهة أخرى.
لستَ قديساً
المشاكل آتية لا محالة بين الرجلَيْن الأميركيَّيْن. فلاوون ينادي بالسلام، سلام الرب ومسيحه، بينما ينادي ترامب بسلام رؤساء هذا العالم وشعوبه، سلام المال، سلام الأعمال، وسلام الصفقات مع أيّ كان، ومع شعب أي إله، حتى ولو كان هذا الإله عاجزاً عن الانتشار وإثبات نفسه سوى بالمال أو بسفك الدماء.
المشاكل آتية لا محالة. فلاوون يرفض الشذوذ الجنسي إيماناً منه بأن الرب خالق وقادر على تحويل الأسود الى أبيض دائماً، بينما الثاني (ترامب) أبعد ما يكون عن ذلك، وهو يحارب المثلية بلباس ديني ظاهري، وبخوف باطني من تناقُص في عدد الولادات بشكل يؤذي النمو الاقتصادي في وقت لاحق. وهو الفكر نفسه الذي يوحّده بشخصيات مثل نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
المشاكل آتية لا محالة بين الكنيسة الكاثوليكية وأميركا - ترامب العظيمة. فالأخير لن يحب الاستماع الى لاوون يحدثه عن ضرورة وضع ضوابط تمنع تحويل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا فائقة التطور الى إله. كما لن يحب الاستماع الى أن لا قيمة للتكنولوجيا والابتكار إذا استُعمِلا لقتل الإنسان، ولا الى أن لا قيمة لأي سلام إذا لم يَكُن عادلاً، ولا الى أنك (ترامب) لستَ قديساً لمجرد أن تساهم بإنهاء حرب.
لا شيء يجمعهما...
المشاكل آتية لا محالة بين الأميركيَّيْن. فترامب الداعي الى إقفال الحدود، والى سياسات الحمائية، والجدران، واحتقار المهاجرين... لن يجد ضالّته في لاوون 14 المولود لأب فرنسي وأم إيطالية (أي ذات الأصول المُهاجِرَة)، وصاحب الخبرة الطويلة بالعمل في الجنوب العالمي (البيرو) حيث ترتفع الحاجة الى الهجرة.
هذا مع العلم أن لاوون 14 هو من مدينة شيكاغو في ولاية إلينوي، وهي معقل مهمّ للحزب الديموقراطي لا الجمهوري. وهذه تفاصيل تُفيد بأن ما يفرّق بين الرجلَيْن هو أكثر بكثير مما قد يجمعهما، على المستويات كافة، المقصودة وغير المقصودة.
فارق آخر أيضاً، وهو أن البابا الجديد رجل رياضيات وقانون كنسي وعلم لاهوت، في وقت واحد، أي رجل عقل وإيمان معاً، فيما لا مكان لدى ترامب سوى للغرائز على المستويات كافة، الدينية والسياسية والمالية والاقتصادية والعلمية...
فلاديميرها الأميركي؟
يشكل انتخاب لاوون الرابع عشر الأميركي زلزالاً حقيقياً لعالم العصر الأميركي "الترامبي" الحالي. هذا مع العلم أن هناك صفة ممتازة جداً لدى البابا الجديد، وهي أنه لطالما حافظ على حضور إعلامي منخفض له في روما.
فمتى يبدأ الشعور بالزلزال؟ وكيف؟ وما مدى الدمار المُحتمَل؟ ومن يمكنه إعادة إعمار ما سيحاول ترامب تخريبه في حبرية لاوون، وداخل الكنيسة الكاثوليكية، التي سيرغب ساكن "البيت الأبيض" بدءاً من اليوم وحتى كانون الثاني 2029، في أن يكون فلاديميرها الأميركي، تماماً كما أن بوتين الروسي، هو رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الفعلي. ولكن فلاديمير الأميركي سيكتشف تدريجياً، واعتباراً من اليوم، أن روما من فوق ليست كما هي من تحت، وأن من هو سُفلي لا ينجح، حتى ولو تطفّل على ما في السموّ من علوّ.