الخليج العائد: تهمّنا حكومة “شبابيّة”

الخليج العائد: تهمّنا حكومة “شبابيّة”

image

الخليج العائد: تهمّنا حكومة “شبابيّة”
ستكون لزيارة ترامب الخليجية مفاعيل مباشرة على مجمل الملفّات اللبنانية العالقة

ملاك عقيل - اساس ميديا
يبدو يوم الجنوب الدامي نهار الخميس الماضي، وما قد يليه من جولات عنف إسرائيلية، إضافة إلى مواكبةُ مُسيّرة العدوّ لجولة رئيس الحكومة نوّاف سلام في بعلبك في اليوم نفسه، روتيناً يعتاده الحكم في زمن “وقف إطلاق النار”، ولا أحد قادر على توقّع انتهاء مرحلته “المُتحرّرة” من كلّ التزامات واتّفاقات.  لذلك تاريخ إجراء الانتخابات البلدية في 18 أيّار المقبل في البقاع، و24 في الجنوب محفوف بمخاطر أمنيّة حقيقية، لها دلالات سياسية موازية، سيّما أنّ بدء كسر قرار حظر سفر الخليجيين إلى لبنان بدا منفصلاً، للمفارقة، عن مناخ التوتّرات الأمنيّة التي تتقصّد إسرائيل تحويلها إلى “نمط عيش”.

مجدّداً لا ضمانات للسلطة اللبنانية بأنّ ما تقترفه إسرائيل يوميّاً من انتهاكات خطيرة، ليس فقط للقرار 1701، بل كلّ المواثيق الدولية، له حدود وتوقيت انتهاء صلاحيّة.

 تتوضّح الصورة أكثر مع تأكيد مصادر دبلوماسية من صلب خليّة “اللجنة الخماسية” التي تتحضّر، وفق المعلومات، لإعادة تنشيط جدول أعمالها السياسي بعد فترة ركود أعقبت انتخاب رئيس الجمهورية جوزف عون، أن “لا أفق لهذه المرحلة سوى ما نراه من ضغط إسرائيلي متزايد، بالنار، على لبنان لإجلاسه إلى طاولة التفاوض السياسي وليس العسكري-التقني فقط”. وتتحدّث المصادر عن رغبة إسرائيلية بتشكيل وفد برئاسة وزير الخارجية الحالي يوسف رجي يتولّى تدشين هذه المهمّة المفترض أن تستمرّ إلى ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة. لكنّ القرار الرسمي اللبناني حتّى الساعة هو الممانعة المطلقة لهذا التوجّه، سيما مع تكريس إسرائيل لاحتلالها للمواقع الحدودية في الجنوب، ورفع وتيرة اعتداءاتها بشكل مُنتظم.

هذه مرحلة، وفق المصادر، قد تطول كثيراً، لكنّها لن تؤثّر على إجراءات بدء العودة الخليجية إلى لبنان من باب الاستثمارات والمساهمات في مجال الطاقة والغاز وملفّات عدّة، بالتعاون مع البنك الدولي، ودول مجلس التعاون الخليجي، وتبدو قطر الأكثر اندفاعاً حتّى الآن، إذ تفيد المعلومات عن “تفعيلها” لطلب الرئيس عون من القطريّين، خلال زيارته أخيراً الدوحة، زيادة التقديمات للجيش اللبناني (رواتب) لتصبح 200 دولار لكلّ عسكري.

 تتبدّى الحماسة الخليجية لبدء تجاوز مرحلة المقاطعة، من خلال التنسيق الأمنيّ الذي انطلق فعلاً ويتناول الكثير من التفاصيل الدقيقة، خصوصاً تلك المُرافقة للإجراءات في مطار بيروت، ومسالك مطار بيروت، وتحديد الأماكن الأكثر أماناً، واعتماد تطبيقات إلزامية خاصّة بسيّاح كلّ دولة خليجية، فيما يبدو أنّ السعودية “ستأخذ وقتها” في سياق قرار رفع الحظر، حتّى في ظلّ التسريبات التي تتحدّث عن احتمال حصول ذلك في عيد الأضحى. وصل الأمر إلى حدّ طرح جهات خليجية مسألة الفوارق الكبيرة في الأسعار وغير المفهومة بين أماكن ارتياد السيّاح، خصوصاً المطاعم، مع دعوة إلى جعل “الأسعار أكثر منطقية”. الأهمّ أنّه على الرغم من الحظر الخليجي في السنوات الماضية، تبيّن أنّ عدداً قليلاً من رعايا هذه الدول، بينهم من هم من أصحاب الجنسية السعودية، دخلوا لبنان من دون ختم جواز سفرهم من قبل الأمن العامّ.

بالتأكيد، ستكون للزيارة الخليجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تشمل السعودية والإمارات وقطر، مفاعيل مباشرة على مجمل الملفّات اللبنانية العالقة، وستشمل الطلب الخليجي الصريح من الأميركيين ممارسة ضغط متزايد على إسرائيل للانسحاب الذي سيكون بدوره ورقة ضاغطة على ملفّ سلاح “الحزب”، الذي تقدّمه الرياض على كلّ الأولويّات، إلى جانب الإصلاحات، مع رغبة سعودية صريحة، هي من الأولويّات أيضاً، بحذف أيّ احتمال لمعاودة الرئيس الأسبق سعد الحريري عمله السياسي.

لكنّ اللقاء الأهمّ، والأكثر فعّاليّة، برأي مصادر دبلوماسية، هو اللقاء الذي سيجمع رئيس الجمهورية اللبناني مع الرئيس ترامب في واشنطن، وغير المحدّد تاريخه بعد.

 تقول المصادر في هذا السياق: “عند حصول اللقاء بين الرئيسين اللبناني والأميركي، يمكن ببساطة وضع كلّ تحرّكات السفيرة الأميركية ليزا جونسون، ومواقف نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس جانباً، والرهان على “زبدة” ما سيدور من كلام مباشر man to man بين ترامب وعون، حول أجندة المرحلة المقبلة، في ضوء ما سيستجدّ على مستوى المفاوضات الإيرانية -الأميركية”.

 مع العلم أنّ المعلومات تفيد بأنّ بعض سفراء وممثّلي اللجنة الخماسية عبّروا مراراً عن انزعاجهم من الأسلوب غير الدبلوماسي، وغير المألوف، الذي تعاطت به مورغان مع بعض القيادات اللبنانية، وطريقة تظهير مواقفها، بما في ذلك السفيرة الأميركية نفسها. ونقلت شخصيّات لبنانية شاركت في اجتماعات واشنطن أخيراً مواقف أكثر تشدّداً عن لسان مورغان، في جلسات مغلقة، أكّدت خلالها “ضرورة تسريع نزع السلاح فوراً، وإلّا فإسرائيل ستتصرّف”، بعكس “النَفَس” الذي رافق زيارتها الأخيرة للبنان.

يبرز الانخراط الخليجي بشكل أكبر، أيضاً، من خلال فتح ملفّ الحكومة المقبلة لجهة تقاطع أكثر من طرف خليجي معنيّ بالأزمة اللبنانية عند التوجّه نحو حكومة أكثر شباباً من رئيسها ونزولاً، بما يُشبه حركيّة تأليف الحكومات لدى بعض هذه الدول.