الاتحاد اللبناني يوقف الفوضويين… ويحرم جمهور العباسية من الملاعب

الاتحاد اللبناني يوقف الفوضويين… ويحرم جمهور العباسية من الملاعب

image

الاتحاد اللبناني يوقف الفوضويين… ويحرم جمهور العباسية من الملاعب
عدد من لاعبي البرج تعرّضوا بعد صافرة النهاية لهجوم مباشر



«الشرق الأوسط»

 
في حادثة وُصفت بأنها من «أخطر ما شهدته الملاعب اللبنانية في السنوات الأخيرة»، تحوّلت مباراة مصيرية في صراع البقاء بدوري الدرجة الأولى بين الرياضي العباسية والبرج إلى ساحة عنف وفوضى دامية، بعدما اقتحم مشجعون غاضبون أرض الملعب واعتدوا على لاعبي الفريق الضيف بـ«سكاكين وبوكسات حديدية»، في مشهد صادم هزّ أوساط كرة القدم اللبنانية، ودفع الاتحاد المحلي إلى التحرك الفوري بقرارات تأديبية غير مسبوقة.

المباراة التي كانت حاسمة في حسابات الهبوط، أقيمت على ملعب العباسية وانتهت بانتصار ثمين لفريق البرج بهدف دون رد، رفع رصيده إلى 20 نقطة في صدارة المجموعة، بينما أثار سقوط فريق العباسية على أرضه غضباً عارماً في المدرجات.

وبحسب مصادر ميدانية حضرت اللقاء، فإن عدداً من لاعبي البرج تعرّضوا بعد صافرة النهاية لهجوم مباشر من قبل بعض جماهير العباسية، الذين طاردوهم وانهالوا عليهم بالضرب مستخدمين أدوات حادة، ما تسبب في إصابات جسدية وصفت بالبالغة، وسط غياب كامل للقوى الأمنية عن محيط الملعب.

وأمام هذا التصعيد الخطير، أصدر الاتحاد اللبناني لكرة القدم، الأربعاء، سلسلة من العقوبات الصارمة بحق نادي الرياضي العباسية، استناداً إلى تحقيقات أولية أجرتها لجنة مختصة، خلصت إلى أن ما حدث يمثل خرقاً جسيماً للوائح الانضباط ويشكّل تهديداً مباشراً لسلامة اللاعبين والمنظومة الكروية ككل.

وجاء في التعميم الرسمي للاتحاد أن جمهور نادي العباسية مُنع من حضور ما تبقى من مباريات الفريق في الموسم الحالي، مع فرض غرامة مالية قدرها 300 مليون ليرة لبنانية (نحو 3500 دولار أميركي)، وإلزام النادي بتحمل التكاليف الكاملة لعلاج لاعبي البرج الذين تعرّضوا للإصابة، على أن تُحدد القيمة لاحقاً بناءً على الفواتير الطبية الرسمية. كما حمّله الاتحاد كلفة الأضرار التي لحقت بمعدات التصوير وتقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، التي بلغت 2500 دولار.

وعلى الصعيد الإداري، قرر الاتحاد إيقاف الإداري في نادي العباسية، عماد قاسم، عن مزاولة أي عمل إداري أو فني أو مرافق للفريق أو في المنصات الرسمية، لمدة 5 سنوات تبدأ من 21 مايو (أيار) 2025، مع تغريمه مبلغاً إضافياً قدره 5 ملايين ليرة لبنانية. واستندت القرارات التأديبية إلى المادتين 3 و16 من نظام الانضباط، كما شمل القرار استبعاد ملعب عباس ناصر من احتضان أي مباريات أو نشاطات تابعة للاتحاد اللبناني لكرة القدم حتى إشعار آخر.

وفي روايته لتفاصيل ما حدث، قال الإداري في نادي البرج، هادي الدرسا، في تصريحات صحافية: «كنا في حالة صدمة... عندما وصلنا إلى ملعب العباسية رحب بنا مسؤولو الفريق المحلي وكأن الأمور عادت إلى طبيعتها بعد التوتر الذي رافق مباراتنا السابقة في بحمدون، والتي انتهت بفوزنا 2-1».

وأضاف: «لكن فور انتهاء اللقاء، فوجئنا بفتح أبواب الملعب للجمهور بشكل بدا وكأنه مدروس ومتعمد، إذ اقتحم العشرات أرضية الميدان، بعضهم كان يحمل عصياً وسكاكين، ولم يكن هناك أي وجود للقوى الأمنية، وبقينا محتجزين داخل غرفة الملابس حتى تدخل الجيش بعد أكثر من نصف ساعة».

الاعتداء أسفر عن إصابة اللاعب محمد السباعي بطعنة خطيرة في ظهره استدعت نقله فوراً إلى المستشفى، فيما تعرّض زميله حيدر خريس لجروح جراء الضرب بآلات حادة، إلى جانب تعرض أعضاء من الطاقمين الفني والإداري للضرب والإهانات.

وأكد الدرسا أن ما حصل «لم يكن ارتجالياً بل مدبّراً»، موضحاً: «طريقة دخول الجمهور وانسحابه تؤكد وجود تنسيق داخلي، والنادي يعمل حالياً على تجهيز ملف قانوني متكامل مدعوم بتقرير الطب الشرعي، وسنقدم دعوى قضائية ضد مدير نادي العباسية وكل من يثبت تورطه في هذه الجريمة، دفاعاً عن حقوق لاعبينا ومؤسستنا».

كما حمّل نادي البرج الاتحاد اللبناني مسؤولية التقصير التنظيمي، منتقداً غياب الفرق الطبية والإسعافية، وعدم وجود أي عناصر أمنية رغم التحذيرات المسبقة من حساسية المباراة، مشيراً إلى أن «ما جرى كان يمكن تفاديه لو وُضعت خطة حماية حقيقية».

وفي السياق ذاته، أكد مصدر في الاتحاد اللبناني لكرة القدم، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتحاد كان قد وجّه طلباً رسمياً لتوفير تعزيزات أمنية خاصة لحماية المباراة نظراً لطبيعتها المصيرية، إلا أن الجهات المعنية لم تتجاوب، ما أدى إلى ترك الملعب دون أي غطاء أمني، وسهّل وقوع الحادثة. 

وقال المصدر: «ما جرى في ملعب العباسية يمثل نقطة سوداء في تاريخ اللعبة، ولن نتساهل مع أي جهة تُعرّض حياة اللاعبين أو الجهاز الفني لأي خطر». وأضاف: «التحقيقات لا تزال مستمرة، وقد تُتخذ إجراءات إضافية بحق أفراد أو جهات ثبت تورطها».