في مرحلة "الصفحات الجديدة"... "قلّة فرق" لبلد "مش فارقة معاه"...
كل الفرص قد تتركّز في سوريا إذا لم يتغيّر لبنان بالسرعة المُفتَرَضَة هو أيضاً
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
لا مجال لعاقل أن يظنّ، ولا حتى لمجرد الاعتقاد البسيط، أنه يمكن للدولة اللبنانية أن تدخل في لعبة تحدٍّ مع أي دولة في الخارج، لا سيما إذا كانت تلك الدولة قوة دولية، وخصوصاً إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية.
ولكن لا يمكن لعاقل أن يخدع نفسه أيضاً، ولا حتى على صعيد الاعتقاد البسيط، بأن أوضاع البلد جيدة، أو بأنها ستُصبح أفضل، مهما كثُرَت المفاوضات والتسويات الأميركية - الإيرانية، وترجماتها بسلوكيات وأساليب جديدة في التعاطي مع الملف اللبناني، من جانب واشنطن وطهران، على حدّ سواء.
لن "تردّ حقّها"...
فزيارة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لبنان، والحديث عن فتح صفحة جديدة بين البلدين، والإيحاء بنوعية علاقات مختلفة عن الماضي. والكلام المحلّي بشأن إقرار إصلاحات لبنانية، وعن حكومة ذكية، وعن إعادة إعمار، و... كلّها أمور ممتازة، ولكنها لن "تردّ حقّها" في النهاية، إذا بقيَت أخبار اعتراض دوريات لقوات "يونيفيل" هنا أو هناك، تطغى على المشهد، وإذا بقيَت الدولة اللبنانية مُعتادة على استباحة سيادتها، بعدم حصر النقاش بملفاتها السياسية والأمنية والعسكرية الحساسة، بمسؤوليها الرسميين وحدهم، وفق ثوابت وقواعد واضحة.
فالأجواء الإيجابية ووعودها ليست شيئاً جديداً في لبنان، وهي أبرز ما حصدناه منذ أعوام طويلة، وحتى الأمس القريب. ولكن الأجواء الإيجابية كالآمال والوعود... تبقى في الجوّ، أي تكون قابِلَة دائماً للتبخُّر المجاني، إذا لم تقترن بمساعٍ وأفعال جدية.
تثبيت فشل؟
أشار مصدر مُواكِب لآخر المستجدات المحلية الى أنه "لو أقرّت الدولة اللبنانية أكبر وأعظم الإصلاحات، وبقيَت ظروف الحرب قائمة، فهذا كفيل بجعل العالم كلّه، وليس الداخل اللبناني فقط، ينسى أي نوع من الإيجابيات المحلية".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الحاجات الداخلية لا تقتصر على تحسين وضع اقتصادي فقط، بل تتطلّب تغييراً في حياة اللبنانيين عموماً نحو الأفضل. وبالتالي، لا تكتمل الفرص الموعودة إلا إذا تغيّرت أوضاع الناس نحو الأفضل لاحقاً".
وختم:"تجري محاولات كثيرة لإحداث تغيير كبير في البلد. ولكن على اللبنانيين أن يحذروا من أنه إذا استمرت السرعة الحالية بالنجاح في إدارة الأزمة في سوريا، واستقرت دمشق كلياً، وانطلقت الاستثمارات فيها، فهذا يعني أن كل الفرص العالمية ستتركّز هناك، وعلى حساب لبنان في النهاية، إذا لم يتغيّر بالسرعة المُفتَرَضَة هو أيضاً. وفي تلك الحالة، لن تعود هناك حاجة للتفكير به أصلاً، وسيتحمل اللبنانيون مسؤولية تأخّرهم على هذا الصعيد، لأنهم سيكونون قد ثبّتوا فشلهم بحجز مقعد للبنان في قلب المتغيرات الخارجية".