“الحزب” الجريح: هل دقّت ساعة الحرب الأهليّة؟
أدّى الخلل الأمنيّ والتقنيّ والتكنولوجيّ إلى الشعور بضعف وفقدان الثقة بالنفس
قاسم قصير - اساس ميدي
ما هي آخر التقويمات التي توصّلت إليها بعض مراكز الدراسات الغربية والإسرائيلية لدور وواقع “الحزب” اليوم، خصوصاً على الصعيد العسكري والأمنيّ والشعبيّ والسياسيّ؟
تواصل مراكز الدراسات العربية والغربية والإسرائيلية إعداد الدراسات عن “الحزب” ومستقبله ودوره السياسي والأمنيّ والعسكري والشعبي، فيما واصلت البعثات الدبلوماسية العربية والغربية في بيروت عقد لقاءات مع شخصيّات قريبة من “الحزب” أو معارضة له، من أجل تكوين صورة واقعية عن واقع “الحزب” ودوره بعد مرور حوالي سبعة أشهر على انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وفي ظلّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والاغتيالات والقصف على الأراضي اللبنانية.
هنا بعض الخلاصات التي توصّلت إليها بعض هذه المراكز، وقد وصلت إلى بعض الجهات اللبنانية:
– أوّلاً: فعّاليّة التّصفيات الإسرائيليّة
يبدو أنّ جهود التصفيات الإسرائيلية أثّرت على “الحزب” بشكل أعمق بكثير ممّا هو متوقّع من عمليّات كهذه، فقد نجح الجيش الإسرائيلي بتصفية قادة بارزين شغلوا مناصبهم لعقود، وكانوا يمثّلون مراكز معرفة وقوّة وهيبة، خلقت فراغاً حقيقياً يصعب ملؤه بسرعة، وقد أدى ذلك الى ضعف في الأداء التنظيمي وخلل في إنتاج جيل جديد من القيادات، لكن الحزب لا يزال يعمل لملء الفراغ وإنتاج قيادات جديدة وهذا يحتاج لبعض الوقت.
– ثانياً: الخلل الأمنيّ والتقنيّ والتكنولوجيّ
أدّى الخلل الأمنيّ والتقنيّ والتكنولوجيّ إلى الشعور بضعف القدرة على المواجهة لفترة من الزمن، ويؤدّي إلى فقدان الثقة بالنفس، وهذه الحالة تتغذّى من التصفيات اليوميّة التي تنفّذها إسرائيل، لكن في المقابل تعمل قيادة “الحزب” على اكتشاف الأسباب التي أدّت إلى ذلك، ومعالجتها ببطء، واعتماد أساليب جديدة في العمل لاستعادة الثقة بالنفس والقدرة على المبادرة، على الرغم من الضربات القاسية التي تعرّضت لها معظم الوحدات العسكرية ومنصّات الصواريخ.
–ثالثاً: على الصّعيد السّياسيّ الدّاخليّ والخارجيّ
برزت تطوّرات عديدة داخليّاً وخارجيّاً لا تُعتبر لمصلحة “الحزب” ودوره السياسي والعسكري، ومنها انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة يضعف فيها دور “الحزب”، وزيادة نفوذ ودور الجيش اللبناني والأجهزة الأمنيّة، إضافة إلى تفعيل دور القوى المعارضة لـ”الحزب”، وسقوط النظام السوري وخسارة “الحزب” أحد خطوط الإمداد الرئيسية، وزيادة الدور الأميركي والعربي في لبنان، لكنّ “الحزب” يعمل بهدوء وصبر لمواجهة كلّ هذه التحدّيات، عبر بناء شبكة تحالفات جديدة، وتعزيز علاقته برئيس الجمهورية العماد جوزف عون، وبناء الثقة مع قيادة الجيش اللبناني والتعاون معها، وإعادة تفعيل علاقاته العربية والدولية، والسعي إلى بناء علاقة جيّدة مع النظام السوري الجديد، على الرغم من الخلافات والتباينات.
– رابعاً: الدّور الأمنيّ والعسكريّ
يعيد الحزب ترميم صفوفه واعتماد آليّات جديدة في التحرّك والنشاط على الرغم من تراجع دوره جنوب الليطاني باعتماد آليات جديدة في التحرّك.
– خامساً: على الصّعيد العقائديّ والفكريّ والسّياسيّ
لا يزال “الحزب” يتمتّع بقوّة فكريّة وعقائديّة جاذبة، خصوصاً في البيئة الشيعية، على الرغم من خسارته للدور الكبير الذي كان يقوم به الأمين العامّ الراحل السيّد حسن نصرالله، وتسعى قيادة “الحزب” إلى ملء الفراغ عبر دور الأمين العامّ الحالي الشيخ نعيم قاسم، والعديد من القيادات السياسية والدينية، لكنّ ذلك يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد للعودة شبه المستحيلة إلى مرحلة السيّد نصرالله.
– سادساً: الدّور الإيراني في دعم “الحزب”
الدور الإيراني مستمرّ، وقد اتّخذت إيران قراراً استراتيجيّاً بدعم “الحزب” للنهوض من جديد، ولا تبخل بالدعم البشري أو اللوجستي أو التكنولوجيّ، إضافة إلى تعزيز التواصل السياسي والإعلاميّ والبشريّ، على الرغم من العوائق الجديدة، وبرز ذلك في محطّات عديدة في الأشهر الماضية.
– سابعاً: لا عوائق ماليّة
على الرغم من كلّ الضربات القاسية التي تعرّضت لها بنية “الحزب” ومؤسّساته الاجتماعية والماليّة والصحّية والتربويّة، يعيد مبدئياً بناء هذه الهيكليّات، وعادت معظم المؤسّسات للعمل بفعّاليّة، خصوصاً في مجال الترميم والإيواء، وتستمرّ مؤسّسة القرض الحسن بدورها، ولا توجد عوائق ماليّة حاليّاً، على الرغم من تراجع هذه القدرات. وقد أثبتت الانتخابات البلديّة والاختياريّة قوّة “الحزب” التنظيمية والشعبية، في وجه الحملات القاسية التي يتعرّض لها، وما يحتاج إليه “الحزب” هو الصبر، باعتبار أنّ الزمن سيعمل لمصلحته حسب كلّ التقديرات.
– ثامناً: التّخلّي عن السّلاح
هل يتخلّى “الحزب” عن السلاح؟ وماذا عن دور “المقاومة”؟
تجيب التقارير: يصعب التفاؤل. وتضيف: من المحتمل أن يجرّ الوضع اللبناني، الذي يؤثّر على “الحزب”، إلى تصعيد داخلي. وقد نرى “الحزب” يتصرّف كـ” نمر جريح”… وفي أسوأ السيناريوهات قد يكون الاتّجاه نحو حرب أهليّة.